حالات نفسية من المسافة صفر (الجزء الثاني)

أزعم أن الكاتب في عرضه لحالاته النفسية بهذا الشكل الأدبي كأن ينحت وهو يدري ما يمكن تسميته بالأدب النفسي، حيث واصل في الجزء الثاني من الكتاب سرد الأعراض النفسية والعلامات المرضية لحالاته بشكل قصصي مشوق يتوق له القارئ، في ذات الوقت ينشط لنا معلومات نفسية عميقة وأخرى ثقافية لا غنى عنها في هوامش الصفحات. كأنه يجلس في منزلة متوسطة بين عالمين، ليستبقي المضطربين إلى ترك شاطئ السواء على شاطئهم، وينقل بسفينته الراغبين في الإبحار بعيدًا عن شاطئ اللا سواء. يفعل كل هذا وهو يمتعنا بجمله المذللة ودعاباته الطريفة خلال حواراته العميقة مع حالاته المضطربة، لنكتشف أن لهم منطقًا في الحياة، يفكرون ويتخذون القرارات وفقًا له، وإن بدا لبعضنا مبهمًا غير مفهوم. بعد أن تنتهي من قراءة الحالات العشرين الجديدة، ستعلم أن الكاتب كان يستدرج الجميع عاملاً ليُبصرنا بكيفية التعامل مع المضطرب نفسيًا حسب نوع الاضطراب كاشفًا غموض النفس البشرية، حتى لتجد نفسك تبحث عن عنوانه لتسترخي على أريكته ليساعدك في اكتشاف نفسك، ويخلصك من آلام التعامل مع الآخرين. مع آخر سطر من سطور هذا الكتاب لا تظن أن ظمأك لمواصلة القراءة سوف يتوقف، بل ستفاجأ أنك صرت مولعًا تبحث عن مؤلفات جديدة تكون لها أول قارئ، ساعيًا لأن يظهر اسمك على غلاف الكتاب القادم مثلي وأنت تروح وتدعو القراء لاقتناء الكتاب الجديد. "شوكت"