كليلة ودمنة

كتاب من بدائع الأدب العربي، المنسوب أيضاً إلى الهند وإلى الفرس، وما تزال الآراء تتضارب حول مؤلفه الحقيقي ولغته الأساسية. وقد تمت ترجمته إلى معظم لغات العالم، ولقي من الدراسات والنقد والتحليل ما لقيه من اهتمام لم يحظ به كتاب مُؤلَّف حتى الآن. وكليلة ودمنة كتاب في العربية نسيج وحده، لم يستطع كاتب من كتاب العربية أن يحاكيه منذ كان ابن المقفع. ففي هذا الكتاب حكمة الهند، وجمد الفرس، ولغة العرب، وهو من هذه الناحية رمز صادق دقيق لمعنى سام جليل، هو هذه الوحدة العقلية الشرقية التي تنشأ عن التعاون والتضامن وتظاهر الأجيال والقرون بين أمم الشرق على اختلافها، والتي حققتها الحضارة الإسلامية على أحسن وجه وأكمله أيام كانت هذه الحضارة حية قوية مؤثرة في حياة الأمم والشعوب، والتي تريد الآن أن نرد إليها قوتها الأولى وجمالها القديم. هذه الحكمة الخالدة الساذجة التي أفاضها روح الهند، ونقلها عنهم جمد الفرس، وصاغها في هذه الصورة العربية الرائعة ذوق العرب، وتوارثتها الأجيال بعد ذلك، فنقلتها من بيئة إلى بيئة، ومن شعب إلى شعب، حتى جعلتها جزءًا من التراث الإنساني الخالد. هذه الحكمة في صورتها العربية رمز لما نحب أن يكون من تعاون الأم الشرقية على إشاعة البر والتقوى، وإذاعة الخير والمعروف، ومقاومة الإثم والعدوان.