من الظلمات إلى النور تجارب البحث عن الحقيقة الألوهية لرجل قبائلي من الهند

وكم من آياتٍ محكمات، وأحاديثَ نبوية، وقصصٍ مؤثرة من سِيَر السلف الصالح، قد طالعناها ودرسناها، تحكي لنا عن رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فثبتوا على الحق وتحمّلوا في سبيله الشدائد والمحن، ونالوا من التعذيب والأذى ما تنوء به الجبال، كلُّ ذلك صبرًا واحتسابًا لنصرة الدين الحق، وابتغاءً لرضوان الله والجنة، وشوقًا إلى لقاء ربهم جل وعلا. وها نحن، في هذا الكتاب، نعرض بين أيديكم سيرة رجلٍ هنديٍّ من أبناء القبائل، نشأ في قلب الغابة، حيث الظلمة والجهالة، محاطًا بالحيوانات المفترسة، من الأفيال والنمور وغيرها، متمسكًا بعاداته القَبَلية وتقاليده الموروثة، لا يعرف عن نور الوحي شيئًا، ولا عن هدي النبوة أثرًا. غير أن عناية الله أدركته، فشرح صدره للإسلام، وعانق الدين الحق، واقتفى أثر النبي محمد ﷺ وصحابته الكرام، في قصةٍ تهتزّ لها المشاعر، وتدمع لها العيون، وتبتهج بها الأرواح. لقد لاقى هذا الرجل في طريق هدايته ألوانًا من الاضطهاد والتعذيب على يد الشرطة وبعض المسؤولين، لمجرد إعلانه الدخول في الإسلام وتركه لما كان عليه من معتقدات باطلة، لكنه لم يتزحزح، ولم يرتدّ، بل ثبت كالطود الشامخ، وواصل طريقه المستقيم بثباتٍ ويقين، حتى صار مثالًا يُحتذى في الصبر والثبات والعزيمة. وهذا الكتاب بين يديك أيها القارئ الكريم، ليس مجرد سيرة فردٍ واحد، بل هو نافذةٌ تكشف لك عن جانب من معاناة المسلمين الجدد في بلاد الهند، أولئك الذين يتذوقون مرارة الابتلاء في سبيل بحثهم عن الدين الحق، ويواجهون ألوانًا من الأذى لثباتهم على التوحيد والإسلام. كما أن الكتاب يُلقي الضوء على واقع الأديان المختلفة والعقائد المتفرقة في أرض الهند، ويقدّم للداعية المسلم رؤى واقعية وخبراتٍ عملية في كيفية ترتيب منهجه الدعوي، والتعامل الحكيم مع التحديات الدينية والاجتماعية في هذا البلد المتنوع. فليكن هذا السفر معينًا للدعاة، ومرشدًا للباحثين، وباعثًا للأمل في نفوس كل من يسير في درب الهداية، مهما كانت الظلمة