ابن كلاب والمحنة

لماذا هذا الكتاب؟ لأن محنة الإمام أحمد كانت نقطة فاصلة ومشهدية في تاريخ علم الكلام والجدل العقدي. لم تنتهِ أحداثها إلا بعد أن أعادت تشكيل المشهد العقدي وأحدثت تحولًا نوعيًا في تاريخ تطور المذاهب العقدية والكلامية. وكان الإمام ابن كلاب أحد أبرز الأسماء التي برزت خلال هذه المحنة، محاولًا إيجاد طريق بين المعتزلة وأهل الحديث. جمع فان إس في هذه الدراسة كمًا كبيرًا من النقول، محاولًا رسم صورة مفصلة لمذهب ابن كلاب الكلامي من جهة، والواقع الاجتماعي والسياسي والديني المحيط به من جهة أخرى. استخدم منهجًا يمكن وصفه بـ"التوسم التاريخي"، حيث حاول تكوين صورة شاملة من تفاصيل قليلة عبر الربط المنطقي والمعرفة التاريخية للوصول إلى تفسيرات مرجحة. ما يميز العمل ليس فقط استخدام النصوص من كتب المقالات والمذاهب والخلاف، بل تتبع موضوع البحث في مصادر غير متوقعة مثل كتب الأدب والتاريخ ومصادر الشيعة والسنة، بالإضافة إلى الدراسات الاستشراقية المتأخرة. جوزيف فان إس (1934-2021م)، مستشرق ألماني متخصص في الدراسات الإسلامية، حصل على الدكتوراه من جامعة غوته في فرانكفورت عام 1964م، وله العديد من الدراسات حول علم الكلام، أبرزها "علم الكلام والمجتمع في القرنين الثاني والثالث للهجرة".