فاي رحلة من الدماغ إلى الروح

يناقش الكتاب الذي بين يديك مسألة الوعي الإنساني, وهي أكثر المسائل استعصاء على العلم الحديث؛ فكيف نصير مجموعة من الخلايا - التي تتكون من مركبات عضوية - واعية بذاتها ولها أفكار ومشاعر وأحلام ومخاوف؟ لفهم الوعي سبل كثيرة ومذاهب شتى، وقد اختار المؤلف أن يمعن غياب بحر المجهول المتلاطم باتجاه جزيرة الوعي على متن سفينة علم الأعصاب، ففتق ذهنه مع فريقه البحثي عن نظرية عصبية في تفسير الوعي، تُعرف بـ"نظرية المعلومات المتكاملة Integrated information theory". يحاول المؤلف في هذا الكتاب عرض نظريته بطريقة أدبية، مستلهماً من ملحمة الكوميديا الإلهية للشاعر الإيطالي دانتي ألجييري أسلوبها ولغتها الشعرية. وكما رافق دانتي ثلاثة مرشدين خلال رحلته في العالم الآخر بحجيمه وفردوسه، يرافق بطل قصتنا - وهو العالم الإيطالي الشهير جاليليو جاليلي - ثلاثة مرشدين من أكابر العلماء؛ وهم عالم البيولوجيا الجزيئية والعلوم العصبية فرانسيس كريك، وعالم الرياضيات والحاسوب آلان تورنج، ومؤسس البيولوجيا التطورية تشارلز داروين، وقد عالج كل منهم معضلة الوعي بمنظور علوم تخصه. لو افترضنا أن العلم سيتوصل لتفسيرات فيزيوكيميائية للوعي، فذلك لا يتعارض مع مفهوم الروح الغيبي، ذلك أن الوعي والإدراك من القوى المادية التي تتمتع بها النفس الحيوانية، والتي تتشاركها مع الحيوانات، أما الروح الغيبية أو النفس الناطقة الإنسانية فهي تلك النفخة الغيبية التي اختص الله عز وجل بها الإنسان. ولا تحسب أنك بنهاية رحلتك مع الكتاب ستكون قد ذللت المعضلة، لكنك ستكون - على الأقل - قد أدركت أبعادها، وعرفت سبب إلغازها. كما أضمن لك مع نهاية الرحلة قدراً كبيراً من الفائدة والمتعة.