شخصيات قلقة في عالم نجيب محفوظ

خيم عالم «نجيب محفوظ» على مشوار «صلاح عيسى» منذ بداياته، وطبع أدبه وكتاباته الصحفية وشخصيته المتفردة، والمترفعة، والحنونة، والمتسامحة، علامات راسخة على هذا المشوار. وكانت الثلاثية التي بدأ «محفوظ» نشرها عام 1956، وأتمها عام 1958، أحد العوامل المهمة التي جذبت «عيسى» نحو محبة التاريخ، قبل أن تدفعه نحو ذلك التطورات السياسية، وأحداثها الفاجعة. فالرواية بأجزائها الثلاثة، «بين القصرين»، و«قصر الشوق» و«السكرية»، ترصد تاريخ مصر والحركة الوطنية المصرية في العهد الملكي، من منتصف الحرب العالمية الأولى، إلى نهاية الحرب العالمية الثانية. كما تُسلط الضوء على صعود الطبقة الوسطى المصرية التي خرج منها «محفوظ»، وأخذت في التشكل مع اندلاع ثورة 1919، وبتشجيع من قادتها، وكانت هي الوقود الفعلي لها، وهي تتبع تاريخ أسرة «السيد أحمد عبد الجواد» خلال ما يقرب من 30 عاما، وتسرد ما آل إليه مصير أفرادها. في هذا الكتاب يختار «عيسى» شخصيات محددة من داخل روايات «محفوظ» يسلط بذكاء الضوء على جوانب تكشف رؤية «محفوظ» للواقع الاجتماعي والسياسي، وانحيازته الأساسية، والمكتسبة، وهو الذي عاصر التحولات الكبرى عبر القرن الماضي كله، لبلده، وللعالم كله. نص شيق يأخذنا في صحبة جديدة لعالم «محفوظ» الفريد والاستنثائي، بصحبة مُعلم ذي روح متجاوزة مبدع، ونظرة مدهشة النفاذ.