السلوك الإنتهلاكي تجسيد لنظرية المرحلة الحضارية

يقدم هذا الكتاب تحليلاً عميقًا للأحداث الاجتماعية والحضارات عبر التاريخ، مركزًا بشكل خاص على حضارة القرن العشرين ومطلع القرن الواحد والعشرين. ينطلق الكتاب من فكرة محورية: نظرية المرحلة الحضارية، التي تفترض أن كل حقبة زمنية يسودها حدث اجتماعي مؤثر تتمدد آثاره لتشمل كافة القطاعات الاجتماعية وتتجاوز المجتمعات المحلية لتصبح عالمية، مكونة بذلك ما يُعرف بـ "المحلي العالمية". يُعطي الكتاب أمثلة تاريخية حية لهذه المراحل، من ظهور الأديان في العصور القديمة، إلى حدث 11 سبتمبر 2001 الذي ولد مفهوم الإرهاب كخطاب عالمي، وصولًا إلى جائحة كوفيد-19، وكيف توازت هذه الأحداث مع مرحلة العولمة. هذه الرؤية التفسيرية ليست مجرد وجهة نظر، بل هي نتاج خبرة أكاديمية طويلة في تدريس النظريات الاجتماعية وعلم اجتماع المعرفة، وقراءة معمقة للأدبيات السياسية والتاريخية، مدعومة برؤى مفكرين سوسيولوجيين معاصرين وكبار، وعلى رأسهم ابن خلدون الذي يُعتبر الأقرب لتفسير الواقع العربي والإنساني. يركز الكتاب بشكل خاص على العصر الرقمي والعولمة كمرحلة حضارية، ويسلط الضوء على مفهوم "الإنتهلاك" (دمج الإنتاج والاستهلاك) الذي قدمه مفكرون مثل جورج ريتزر وألفين توفلر. يعرض الكتاب في فصوله الثلاثة هذا المخطط النظري: * الفصل الأول: يربط بين المرحلة الحضارية والنزعة الاستهلاكية. * الفصل الثاني: يقدم نظرية الإنتهلاك كـ "ثقافة العصر ومحرك السلوك"، ويحلل قضاياها كالعقل، العولمة، الاستهلاك، والمكننة. * الفصل الثالث: يستعرض تجسيد "الماكدونالدية" للمجتمع في العصر الرقمي، وكيف أدت إلى شكلانية مؤسساتية تُفقد الحس الإنساني والإبداعي، لتحقيق كفاءة مفرطة على حساب العمق الاجتماعي. باختصار، يقدم الكتاب رؤية تحليلية فريدة لكيفية تشكل السلوك الاجتماعي ضمن سياقات حضارية متغيرة، معتمدًا على أسس أكاديمية وواقعية عميقة.