تجديد علم العمران

وضع ابن خلدون اللبنات الأولى لعلم العمران البشري والاجتماع الإنساني وذكر في آخر كتاب "المقدمة": "ولعلّ من يأتي بعدنا ممن يؤيده الله بفكر صحيح وعلم مبين يغوص من مسائله على أكثر مما كتبنا فليس على مستنبط الفن إحصاء مسائله وإنما عليه تعيين موضع العلم وتنويع فصوله وما يتكلم فيه والمتأخرون يلحقون المسائل من بعده شيئا فشيئا إلى أن يكمل. والله يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (البقرة: 216) وهذا الوعي من ابن خلدون بأنه مؤسس لعلم جديد هو علم العمران وأن على من يأتي بعده أن يستكمل ويوسع ويطور، وجد صداه لدى ابن خلدون الثاني؛ الأستاذ مالك بن نبي، كما يسميه كثير من الباحثين والمهتمين بفكره، وهو مستأنف الخلدونية ومؤسس فلسفة الحضارة في الفكر الإسلامي الحديث والمعاصر بلا منازع. ولذلك فإن ما قام به مالك بن نبي من جهد في تطوير درس الحضارة أو ما يسميه ابن خلدون علم العمران، يعتبر جهدا تجديديا جديرا بالعناية والفهم والنقد والبناء عليه واستكمال جهد ابن خلدون وبن نبي عليهما رحمة الله. وفي هذا السياق يأتي كتابنا هذا، الذي هو مجموعة دراسات وحوارات تتعلق بفكر مالك بن نبي واطروحته في دراسة الحضارة ومعالجة مشكلاتها في العالم الإسلامي، وهو بهذا يعد محاولة لتجديد علم العمران الخلدوني