ما لا يستغني عنه المريد

التصوف طريقةً روحية إسلامية ترتكز على الكتاب والسُّنَّة في القصد إلى معرفة الله والسير إليه والقيام بحقوق العبودية شريعةً وحقيقةً. وهو مدرسة سلوكية تربوية، وليس فرقةً كلاميةً أو فقهيةً أو مذهبيةً . والأصل أن المتصوفة هم عباد الله المنقطعون إليه سبحانه، العاكفون على عبادته والمعرضون عن زخارف الدنيا وأعراضها الزائلة، والزاهدون فيما يُقبل عليه أهل الحِس من شهوات النفس وهواها والمنفردون عن الخلق بالخلوة والعزلة للتعبد والذكر والفكر ولا يُقصد بالخلوة والعزلة البعد عن الناس واعتزالهم أو ترك مهام العمل وعمارة الأرض، وإنما اعتزال مُرادات النفس وشهواتها، واجتناب ما ورسوله، فهم بين الناس ،بجسومهم وفي معية الله بأحوالهم وسلوكهم، يَعْمُرُون الأرض بقالبهم ويَعْمُرُون السماء بقلوبهم . وغاية التصوف هو تطهير القلوب وتزكية النفوس، والوصول لمقام الإحسان؛ بالتخلية والتحلية وقطع العلائق والحُجُب، والزهد فيما عدا الله إلى أن يعبد الإنسان ربَّه كأنه يراه. فالتصوف يمثل المرتبة الثالثة من مراتب الدين( الإسلام- الإيمان - الإحسان) أي مرتبة الإحسان؛ حيث يصبح الإيمان حقًا شُهوديًا، وحقيقةً يذوقها القلب، وتتمثلها الروح.