الفساد الأخلاقي والاجتماعي وأثره في إضعاف الدول وسقوطها

الفساد الأخلاقي والاجتماعي وأثره في إضعاف الدول وسقوطها دولة المماليك الجراكسة أنموذجا يصف الحالة الاجتماعية ومظاهر الفساد الأخلاقي إبان حقبة المماليك الجراكسة، حيث فشت الطبقية والنزعات العنصرية والقومية، علاوة على شيوع ظواهر الانحلال والفساد الأخلاقي التي كانت تمارس سرا وعلانية على نطاق المجتمع والدولة، أمثال ظاهرة البذل والبرطلة (الرشوة)، اللصوصية بيوت البغاء والمغاني، اللواط تعاطي المخمور والحشيش انتشار البدع والخرافات والادعاءات وضعف والوازع الديني الخلاعة والمجون وانحطاط الحس الأخلاقي على مستوى الخطاب الفكري والسياسي والأدبي والمعاملات التجارية والعامة، بالإضافة ترسخ طبائع الاستبداد التي تتجسد في ظاهرتي الإتاوة والسخرة اللتان تستخدمها طبقة المماليك الجراكسة في استرافاق بقية طبقات المجتمع وتسخيرهم لخدمتها وأكل أموالهم وانتهاك حقوقهم وحرماتهم بالباطل. وقد انعكست آثار هذه الظواهر سلباً على المجتمع والدولة فكثرت الفتن والكوارث والأزمات وحركات التمرد داخليا، وضاق الناس ذرعا من ظالم واستبداد المماليك، فاستغاث بعضهم بالعثمانيين، وبلغ ببعضهم أن أدعوا الجنون والجذب وصول الأمر إلى أن تمنى بعضهم الموت من شدة القهر والإذلال وكذلك ضعفت الدولة وفسدت علاقاتها السياسية والدبلوماسية خارجيا، حيث فقدت دورها ومكانتها السيادية في ريادة الأمة الإسلامية، وذلك بعد أن عجزت عن ردع الهجمات البرتغالية والاسبانية على الديار الإسلامية، بل كانت تتواطا أحيانا مع الرافضة الصفويين ضد الدولة العثمانية السنية المجاهدة، ذلك مما ادى نشوب صراع عسكري مسلح بين تلك الدول أفضى إلى زوال دولة المماليك الجراكسة، ولكل شيء إذا ما تم نقصان، وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت.