إعصار عام الفأر

تبدأ “رواية عام الفأر” بوصول مهندسين معماريين وآلات صنع الخرسانة والبناء إلى قرية “ملكان” الخيالية. نعيش تحول القرية إلى مدينة, حيث نرى التحولات التي تطرأ عليها بعيون مراقبيها, ومعهم إبراهيم پري أفسا, المثقف الذي استقر في القرية لسنوات قبل تحولها إلى مدينة. وما أن تختفي القرية وتنهض المدينة على أكتافها, حتى يصبح أول منشق وأول سجين للمدينة.في "إعصار عام الفئران"، نقرأ نصًا يتجاوز الحكاية المباشرة ليصبح شهادة رمزية على عالم يتآكل من الداخل. لا يدور العمل حول الفئران فقط، بل حول ما تمثّله من خوف، من فوضى، من انهيار القيم وانكشاف الإنسان في لحظات الضعف القصوى. يأخذنا الكاتب إلى مدينة يبدو كل شيء فيها مألوفًا، لكنه مهدد بالتحلل تحت سطحه الهادئ. يتقدّم السرد عبر شظايا، عبر شخصيات تتحرك على حافة الحياة، وتحاول أن تفهم ما يجري، أو أن تظل واقفة في وجه الطوفان. بين الكوابيس الجماعية والملاحظات اليومية العابرة، تتشكل لغة حذرة، مشحونة، لا تصرخ، بل تهمس بما لا يُقال غالبًا. الكتاب يربط بين السياسي والوجودي، بين الحكاية والرمز، ليطرح سؤالًا كبيرًا عن مصير الإنسان حين تتحوّل الفئران إلى سادة المكان، وحين يصبح الإعصار ليس فقط كارثة طبيعية، بل صورة لما يحدث حين تفقد المجتمعات توازنها الأخلاقي والروحي. "إعصار عام الفئران" هو عمل أدبي مفتوح على التأويل، يوقظ القارئ لا ليشرح له ما حدث، بل ليتركه في قلب العاصفة، حيث تبدأ الأسئلة ولا تنتهي.