مقدمة في علم الدين المعرفي

"إن العلوم الاجتماعية والنفسية والفلسفية المختلفة تقوم بدراسة ‏الدين وتمثّلاته في حياة الفرد أساسًا والجماعات تبعًا، وكيفية ‏حضور المعتقدات الدينية في الحياة الدينية بخاصّة والحياة ‏بعامّة، والأثر والتأثير المتبادل الناتج عن التفاعل بين الدين ‏وثقافة المجتمع وأثره في أنماط التديّن. فإذا كان علم الكلام ‏يتكفّل بعملية الدفاع عن الدين استنادًا إلى النقل والعقل، فإنّ علم ‏الدين المعرفي يذهب أبعد من ذلك لا من خلال الجواب على ‏سؤال (لماذا)؟ فلسفيًّا، بل في الجواب على سؤال (كيف)؟ كما ‏تذهب العلوم بعامّة. ويحاول من ناحية أخرى أن يأخذ دور ‏الدفاع عن الدين بكونه بنية بشرية في جوابه عن إشكاليات العلم ‏عامّة والعلوم المعرفية خاصّة. فالأطروحة الأساسية لهذا البحث ‏لا تتمثّل في إثبات وجود استعداد فطري للدين لدى البشر فقط، ‏بل يتعدّاه إلى التركيز على محاولة دحض القول بعدم عقلانية ‏المعتقدات الدينية، وأنّ الطريقة التي يتعامل بها العقل البشري ‏مع المعلومات الدينية قد توفّر نظرة ثاقبة لطبيعة الوحي، وكيف ‏يفهم الناس النصّ المقدّس، وكيف يقرؤون العالم الطبيعي على ‏أنّه رسائل متعالية، ونفهم نوع العقل المطلوب مسبقًا بكوننا ‏متديّنين.‏ فالهدف من هذا البحث هو بيان الكيفية التي نحاول بها دراسة ‏الدين من خلال العلوم الحديثة، وبخاصّة علم الدين المعرفي.‏"