سؤال النار

سؤال النار كانت الساعة قد وصلت إلى عمر الفجر، ينظر إلى المدينة يتفحص طرقها ، وشوارعها . وأرصفتها المأكولة.. وربما يتساءل أين هو الآن؟ رأيته كمن يقوم بجول من يدخل مدينة جديدة. قلت له هذه ليست بغداد الأزل، وليست بغداد العباسيين ولا العثمانيين العصملية، ولا بغداد الإنكليز والحكم الملكي، ولا بغداد الثورات والانقلابات". هنا "سؤال النار" هو سؤال الزمن في إيجاز فني رائع لغة، ومعنى، ومبنى، الرواية يتوحد فيها الخيال مع الحقيقة عند بائع الكتب وقارنها في بغداد ، فتأتي الخيالات تصاحبه وتتساءل عن الخدعة في الأمل فيما حملته الكتب، وتزيد حيرته بين أهله ومشتري الكتب وما يتجند له من أشباح حائرة تطرح عليه الأسئلة مقتل أبيه ليس السبب الوحيد في تداعي ما جرى، لكنها بغداد الحائرة بين الانفجارات وتبحث عن أمل. تتداعى أسماء فلاسفة، وحكام، وأدباء في حوارات، أو رؤى مع الأشباح والبشر، وأمه وزوجته، فيقفز التاريخ وسؤاله الناري: كيف كانت؟ وكيف صارت بغداد؟ قراءتك للعمل ستضعك في قلب النار.. لكن في قلب جمال الفن. والروي بإيجاز مبهر، وتجسيد للبشر والمكان. فلا حديث مباشرًا هنا، لكنه الفن. تأخذك صوره إلى برزخ كأنك في حلم لا تنساه من جمال الكتابة، وشعرية الصور الفنية، ومفارقة المواقف التي تتساوى فيها الأشباح مع الحقيقة، في عمل شديد الإحكام ابن المكان والزمان بكل تجلياتهما . عمل سيسرق منك الوقت ويسرقك أيضا إلى جمال الفن وصدق المشاعر كما تعودنا مع كاتبه الرائع على لفتة سعيد.