وجوه هالكة

لم أكن بيدقاً في عرش الأحلام المبعثرة في زمن الرقيق المحدث بأطيافه الفارهة. ولم أكن أول ضحايا الشر وأول المغتالين على رقعة الحضور بين أقبح رجال الأعمال ونسائهم المزيفين والمتبرجين بأجمل الحليّ والمجوهرات والإكسسوار والملبوسات والحقائب الفاخرة والعطورات التي تزكم الأنوف. على الرغم من جميع المؤامرات الخبيثة التي أحيكت حولي لم أُفرط بنفسي, ولم أجعل مفاجآت واختبارات القدر, أو من قصاص الروح للروح ثأراً. رغم حفلات السهر المزيفة، التي كانت تديرها قوى الشر أو تدار في أروقة محافل الأثرياء، من قبل هؤلاء الأشخاص المتملقين الذين يدّعون العفة أو الرقي في أروقتهم، لأجد نفسي أمام عالم منافق، تصهرني الحياة، بفلسفتها كصعلوكه منبوذة في قرارة نفسها. كنت أميرة في أحداق الحاضرين. أتزين بعذاب الروح، أجري وراء معرفة حقيقة النسب والألقاب، أجري وراء سراب للمعرفة، وها هم من ولدت من أرحامهم رفضوا بكلّ قوتهم أن يعيدوا طفلتهم إلى كنف أخلاقهم الحميدة، رغم المرار الذي أعيشه. لم أكتفِ بأن أنزع ذكرياتي من ذاكرتي وأرميها في مستنقع العادات والتقاليد مع أهل الحكايات المزيفة بالعفة والشرف، ولكن تبعت حدس شرياني الأزرق، فكان قصاص الصمت أجمل الحدود وأمَرّ الحدود، ولا يمكن أن تبقى مقصلة الأشواق شاغرة، من دون انتظار، تبعتُ هسهسة حديثي مع الكون، متلذذة ومحتاطة وموجوعة، من حياة اختارت أن أكون إحدى ضحاياها.