أعراض انسحاب

حالما أخبرها أنه يحبها رغم عيوبها، أحست جملته ملغومة ومفخخة، اكتمل شعورها بالخيبة. من اللطيف وجود شخص ما على هذا الكوكب البائس لا يزال يحبها، صحيح؟ لكن ليس باستطاعتها القول أن هذا هو الحب الذي ينصفها ويرضيها، ليس الحب الذي ينجيها. أكان يقصد أن يمنّ عليها أم قصد أن يعلمها بمقدار حبها في قلبه، فلا يُلتَفت لما عداه؟ كلماته منبعجة، حادة، مسننة ومؤذية، تحمل في طياتها معنى معاكس، معنى حاقد وربما ناقم أيضًا، معنى لم تستطع حمله على غير وجعها وغربتها، لم تستطع تفسيره بغير المنّ والأذى، وهى تراه كل حين يبطله بالمنّ والأذى، ينفقه رئاء قلبها، يذكرها بعيب لم يولد إلا بوجوده وفي مراياه، ثم يذكرها بأنه من فرط حبه لها لا يراه! الحب الذي تعوّل عليه خلاصها كان ناقصًا، تعلم أن ليس بينهما ما يجمعهما غير النقص: مزيج من السخط مضاف إليه نكهة المشاعر وكثير من البغض. يشخصن الأمور أحيانًا ثم يتركها حائرة في فهمه. وحدها تحترق؛ ليس سيئًا أن تحترق على أية حال، على الأقل صارت مضيئة. على الأقل دجنة ضلوعها تلاشت ليحل محلها سطوع كتوهج النجم قبل أن يُسلم نفسه للتلاشي. عندما لا يعود لها حيلة أمام محاولاته تسلم نفسها للصمت؛ الصمت هو المرادف الآخر للتلاشي، ربما للموت حية. لا غرابة لو أخبرها أن حبه لها حقيقة مؤكدة... كالموت!!