مفهوم الزخرفة في العمارة

لقد أحتلت إشكالية العلاقة بين الزخرفة والعمارة مكاناً كبيراً على الساحة المعـمارية خاصة في أواخر الربع الأول من القرن العشرين, تلك الإشكالية التي أثـارت جدلاً بين المعماريين وأدت إلى حدوث إنقسام بين مؤيدين ورافضين. فالرافضون من أمثـال رواد العـمارة الوظيفية والتشريحـية ومؤيدي العضوية (خاصة ما إذا كانت الزخارف ليست مستوحاة من البيـئة) يرون أنها تسـيء للمبنى ومـا هي إلا قنـاع ضعيف الفكرة ينشئها المعماري على مبـانيه ليعالج عيـباً في تصميمه أو لتحقـيق إبهـار أو لتـلبية رغبة مالك استهوته الزخارف والنقوش وامتلك القدرة على تنفيذها لأنها كما يرون وضعت بدون حاجة, وهؤلاء هم إمتداد للحركات المعمارية التي ظهرت بعد الحرب العـالمية الأولى والتي نادت بمبدأ الوظيفية, الذي ظهر لتـلبية إحتياجات شعوب البـلدان التي دمرتها الحرب والتي احتاجت إلى بنـاء سريع وعمران نشط. أما المؤيدين لاستخدام الزخرف في العمارة فيرون فيـه إحياء لعصور جميلة من العمارة والفنون انتهت وكادت أن تضيع من ذاكرتنا, ويعتبرون رافضي الزخرفة في العمارة فقراء معمارياً وفكرياً لا يستطيعون التناغم بلغـة الزخارف سواء المستوحاة من حضارات الأقدمين أو ابتكار لغة جديدة من واقع الحياة المعاصرة وأنهم وعلى الرغم من تأييدهم للزخرف في العمارة إلا أن تعاملهم مع فن الزخرفة تعاملاً بسيطاً لا يعدوا استخدامها لأكثر من كونها عنصراً لتجميل المبنى. السؤال البحثي : والسؤال الذي يطرحة هذا الكتاب هو هل يتوقف مفهوم الزخرفة كلغـة فنـية عند كونها عنصرا يضاف إلى المبنى لتجميله؟ أم تتخطاها لمستويات فكرية أكثر عمقاً؟ وهل هناك دور للزخرف في ربط العمل المعماري بالبيئة والمجتمع ؟ وهو الهدف الحقيقي للعمارة- وهي ما اصطلح عليها بأم الفنون- من إنشـاء مبـاني قريبة للمجتمع تعـبر عنـه وتلـبي احتياجاته. وللإجابة عن هذا التساؤل .. يحاول الكاتب في أن يلقي الضوء ويوضح مفاهيم وأفكار وتقاليد ورموز ومنابع وأعمال وآراء ظهرت على الزخرفة في العمارة.